إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.
شرح لامية شيخ الإسلام ابن تيمية
53696 مشاهدة
ظهور الجهمية والمعتزلة وموقف السلف منهم

من أمثال رجل يقال له: الجعد بن درهم ظهر في أول القرن الثاني، وقتل على هذه العقيدة أنكر أن الله تعالى موصوف بالمحبة، موصوف بالخلة، وقال: إن الله لم يتخذ إبراهيم خليلا، وأنكر صفة الكلام وقال: إن الله لا يتكلم؛ فأنكر أن يكون الله كلم موسى تكليما، فعند ذلك أخبر عند أمير في العراق، وهو خالد القسري فقتله في يوم العيد، في يوم عيد الأضحى وقال: هو أضحيتي خطب الناس وقال: أيها الناس ضحوا تقبل الله ضحاياكم، فإني مضح بالجعد بن درهم إنه زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلا، ولا كلم موسى تكليما تعالى الله عما يقول الجعد ثم نزل فذبحه، وفي ذلك يقول ابن القيم -رحمه الله-
ولأجل ذا ضـحى بجعـد خالد
القسري يـوم ذبائـح القربـان
إذ قـال إبـراهيـم ليس خليله
كلا ولا مـوسى الكليـم الـداني
شكر الضحية كـل صاحب سنة
للـه درك مـن أخـي قـربان
وأخذ هذه المقالة عنه الجهم بن صفوان الذي فتن الناس، والذي أظهر هذه المقالة، فأنكر أن يكون الله تعالى على العرش استوى، وأنكر أن يكون الله فوق عباده، وأنكر أن يكون الله متكلما بكلام مسموع، وأنكر صفات الله الفعلية وصفاته الذاتية، وأنكر دلالة أسماء الله تعالى على صفات .
وورثه المعتزلة، ولا يزالون إلى اليوم على هذا المعتقد السيئ؛ ورثوا منه هذه المقالة التي هي من أسوأ المقالات؛ حيث يدعي عدم دلالة الآيات على صفات، وكذلك يدعيه أتباعه قتله سلم بن أحوز -رحمه الله- ولكن بعد أن اشتهرت مقالته، وتمكنت في كثير من الناس، فتمكنت في هؤلاء المعتزلة .
وخرج أيضا منهم بشر بن غياث المريسي الذي نشأ في القرن الثاني، ونشر أيضا هذه العقيدة، وتتلمذ عليه تلميذ يقال له: محمد بن شجاع الثلجي وكتب عقيدته في رسالة فيها تحريف الآيات، وفيها الكذب، وفيها يدعي أن الله عليم بلا علم، وأن الله سميع بلا سمع، وبصير بلا بصر، وقدير بلا قدرة، ونحو ذلك من تعطيل الآيات عن دلالاتها، وردَّ عليه العالم المشهور عثمان بن سعيد الدارمي -رحمه الله- ورده موجود اسمه رد الإمام الدارمي عثمان بن سعيد على بشر المريسي العنيد يتبين من رده قول أهل السنة؛ وذلك لأنه أيد كلامه بالأدلة وبالنصوص، ثم إن عثمان -رحمه الله- رد أيضا على الجهمية برسالة أيضا مطبوعة الرد على الجهمية لعثمان الدارمي مما يدل على أن السلف -رحمهم الله- ما سكتوا، وأن كلهم على هذه العقيدة .